القائمة الرئيسية

مشاركة
لماذا الحديث عن الجنس مع الأبناء ثقيل؟!
‏8 مارس، 2021
مشاركة

كان و لازال الحديث عن الجنس حديث تشوبهُ مشاعر من العار و الكتمان، لأن الصورة الذهنية الأوليّة التي تخطر على الأذهان بالعادة هو أن الجنس عبارة عن العلاقة الحميمة بين المرأة و الرجل، و إن كانت في الحقيقة هي أكبر و أوسع من ذلك بكثير. هذه النظرة الضيقة و المحدودة تجاه الجنس ضيقت على المربين الأفق في نقل المعرفة الجنسية بل جعلتها ثقيلة جدا عليهم. علاوة على ذلك، فإن ماضي و تاريخ الوالدين أنفسهم في تلقي هذه المعرفة يحمل الكثير من المشاعر و الأفكار الثقيلة و السلبية و الغير واضحة عن أسس و كيفية نقل المعرفة الجنسية للأبناء.

 

ففي دراسة استطلاعية أجريتها على المربين عن كيفية تلقِيهم للمعرفة الجنسية في طفولتهم و مراهقتهم و ماهي مصادرهم في ذلك، و وقع هذه المعرفة عليهم عاطفيا و فكريا. بينت النتائج أن المصدر الأول لهم كان هو الإعلام و الأصدقاء، أما الوالدان كانا في آخر قائمة المصادر في نقل المعرفة الجنسية، فقد كانت نسبة عطاء الوالدان في نقل هذه المعرفة لا تتجاوز ٥٪. فلنا أن نتخيل غياب الحوار و اللغة الواضحة الآمنه عن المعرفة الجنسية بين الأجيال السابقة كيف كانت شبه معدومة. لذا من البديهي جدا أن يشعُر المربين بفقدان اللغة التربوية المناسبة التي يستخدمونها في نقل هذه المعرفة الحساسة لأبنائهم، لأنهم ببساطة لم يستمعوا لها بشكل متكرر و مُشبع و واضح من مصادر آمنة. أيضا من نتائج الدراسة الاستطلاعية تبيّن أن ٦٪ فقط من جيل المربين الحالي كان يشعر بالثقة و الأمان حين تلقى المعرفة الجنسية في ماضيه. بينما النسبة الأكبر من المربين في الدراسة ٨٨٪ منهم كان يشعر بإنزعاج و مشاعر وأفكار مُربكة و مُبهمة عن الجنس حين تلاقاها في طفولته أو مراهقته. كما أن ٧٠٪ منهم ذكر أنه لم يفهم تمام المعلومات و كان يرغب في الإستزادة لكنه لم يتجرأ على طرح السئلة و طلب المزيد من التوضيحات، لذا كانت المعلومات بالأغلب غير مُشبعة علمياً. هذه المشاعر و الأفكار المتراكمة منذ الطفولة و المراهقة لدى جيل المربين الحالي تُقدم لنا تفسير واضح و منطقي لِما يشعر المربين بالخوف و عدم الثقة في نقل المعرفة الجنسية لأبنائهم و يتعاملون بإرتباك مع أسئلة أطفالهم عن الجنس.

 

هذه الإحصائيات و عملي لسنوات في الارشاد النفسي و الأسري لم يجعلني أتفاجأ حين كشفت نتائج الدراسة أيضا أن نسبة المستعدين من المربين في نقل المعرفة الجنسية لأبنائهم بثقة ١٥٪. و ذلك بسبب قرائتهم لكتب في هذا المجال أو حضورهم دورات و لقاءات مع متخصصين عن هذا الأمر. أما النسبة الأكبر من المربين و قد تجاوزت ٨٢٪يشعرون بصعوبة و ضعف في الثقة و قلة في التمكين تجاة الحديث عن الجنس مع أبنائهم. لكن لهذه الثقة الضعيفة هي مساحة للنمو و التمكين. و ادراكنا بأن غياب المعرفة لا يجعل من أبنائنا فريسة سهله لمصار غير آمنه تنقل لهم هذه المعرفة الحساسة و المهمة في حياتهم العاطفية و الإجتماعية و حتى الدينية، بل أيضاً يُفقدهم اللغة المناسبة للحديث عن هذا الأمر سواء في حياتهم المستقبلية الزوجية و حتى حياتهم الوالدية في تربية أبنائهم و تسليحهم بالمعرفة اللازمة الحامية.
لذا تذكّر أيُها المربي أنهُ مهما كان وقع المعرفة الجنسية عليك في طفولتك أو مراهقتك سلبي أو غير كافي،، هناك دائما فرصة للتعلم و التطوير ،،
و لتكن أنت المصدر الأول و الأمن في نقل هذه المعرفة لأبناء.